تطوان.. رحلة عبر حضارة أندلسية وروافد ثقافية مازالت مَعالم المدينة شاهدة عليها

 تطوان.. رحلة عبر حضارة أندلسية وروافد ثقافية مازالت مَعالم المدينة شاهدة عليها
الصحيفة من تطوان
الأحد 23 أكتوبر 2022 - 13:30

تطوان أو "الحمامة البيضاء"، هي واحدة من المدن المغربية العريقة التي تتميز بتاريخ أندلسي فريد، وتُعتبر وجهة مميزة للسياح الذين يرغبون في السفر عبر الزمن لاكتشاف مدينة مازالت تعكس الكثير من تاريخ الأندلس بعد 5 قرون مضت.

بالرغم من أن تطوان كانت مكانا لمرور العديد من الأعراق والأمم، إلا أن تاريخها الحقيقي يبدأ مع أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، تزامنا مع سقوط غرناطة في يد الإسبان سنة 1492 وبداية هجرة الغرناطيين المسلمين إلى المغرب بحثا عن أرض جديدة بعدما فقدوا "فردوسهم" في شبه الجزيرة الإيبيرية.

تاريخ مدينة تطوان، يَرتبط بشكل وثيق بالقائد العسكري الغرناطي، سيدي علي المنظري، الذي يعتبر باني أسس المدينة، حيث عبر هذا القائد العسكري مَضيق جبل طارق بعد سقوط مملكة غرناطة، مرفوقا بعدد كبير من الغرناطيين، ثم شرع مباشرة في بناء مدينة تطوان التي تطل على سواحل إسبانيا، معتقدا أن اختياره لموقع المدينة سيساعده في إعادة فتح الأندلس ذات يوم. 

وبنى الغرناطيون بقيادة المنظري مدينة تطوان على الشكل الهندسي الذي بُنيت عليه غرناطة، ولهذا يُطلق عليها المؤرخون بأنها "توأمة غرناطة"، حيث تتشابه في معمارها ودروبها ومنازلها وأبوابها بغرناطة إلى حد كبير، ولهذا عندما يزور السائح المدينة القديمة لتطوان، فهو يعود قرونا إلى الوراء، في سَيرً سلس نحو عُمقٍ تاريخي أصيل.

وعرفت تطوان نموا مضطردا في السكان مع بداية القرن السادس عشر، مع تزايد هجرات المسلمين من الأندلس نحو المغرب، لتُصبح مع مرور الزمن واحدة من المدن المهمة في المملكة المغربية، قبل أن تخضع للحماية الإسبانية خلال الفترة الاستعمارية مع بداية القرن العشرين، حيث عرفت اتساعا مع بناء المدينة الحديثة من طرف الإسبان، وجعل تطوان من المدن المغربية التي تتوفر على المدينة القديمة والمدينة الحديثة.

  • الوصول إلى تطوان

تطوان من المدن المغربية القليلة التي يُمكن للسائح الوصول إليها عبر البر والبحر والجو. فهي تقع على مقربة من مدينتي سبتة وطنجة اللتين تتوفران على موانئ خاصة بعبور المسافرين، وتتوفر على مطار جوي يربطها بعدد من المطارات الدولية، إضافة إلى إمكانية الوصول إليها عبر البر عن طريق الحافلات أو السيارات.

لهذا، يمكن للسياح الأجانب، خاصة الذين يأتون من أوروبا، العبور إلى المغرب عبر البحر نحو ميناء سبتة أو نحو ميناء طنجة المتوسط. فالميناء لأول يرتبط بخطوط بحرية مع جنوب إسبانيا، أما ميناء طنجة المتوسط، فله روابط بحرية مع ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني، وميناء سات في فرنسا، وميناء جنوة في إيطاليا، ثم عند الوصول توجد وسائل نقل، عبارة عن سيارات أجرة تقود السائح مباشرة إلى مدينة تطوان في مسافة لا تتعدى كيلومترات.

ساحة الفدان هي ساحة تتوسط تطوان وتفصل المدينة الحديثة عن المدينة القديمة، وقد تم بنائها على طراز المعمار الأندلسي الغرناطي قبل افتتاحها في وجه العموم في أواخر سنة 2016، وهي وجهة مفضلة للسياح، حيث يُمكن التقاط الصور لعدد من أحياء المدينة القديمة. كما يُمكن للسياح الاستراحة في هذه الساحة والتقاط الصور لأنفسهم بالقرب من الأقواس التي تتوسط الساحة.

  • القصر الملكي

يعتبر القصر الملكي الذي يوجد وسط المدينة من الوجهات السياحية التي يرغب العديد من السياح زيارتها للاطلاع على الواجهة الأمامية للقصر والتقاط الصور لها.

وبُني هذا القصر بعد استقلال المغرب عن الاستعمار الاسباني، ثم عرف عملية توسيعة كبيرة في فترة الثمانينات ليأخذ شكله الحالي الذي يضم بجانبه مساحة واسعة تدعى "ساحة المشوار السعيد".

ولا يبعد هذا القصر عن العديد من المواقع السياحية، مثل المدينة القديمة، وساحة الفدان، كما أنه يقع في المدينة الحديثة وقريب من كل المرافق. 

  • تمودة

لعشاق التاريخ والمآثر الضاربة في عمق التاريخ، توجد على مقربة من مدينة تطوان، مآثر تاريخية تعودة إلى مدينة قديمة تُدعى تمودة، أسسها ملك أمازيغي يُدعى باكا قبل 200 عام من الميلاد، ولازالت العديد من الآثار شاهدة على هذه المدينة إلى اليوم.

ويُمكن للسائح الوصول إلى موقع آثار هذه المدينة التاريخية على متن سيارة أجرة صغيرة من وسط المدينة في مدة زمنية لا تتعدى 15 دقيقة، وتوجد على الواجهة الأمامية لهذه الآثار مُلصق يتضمن المعلومات التاريخية حولها.

  • ساحل تطوان

يُعتبر الساحل المتوسطي الذي يضم عدد من المدن السياحية الصغيرة، هي امتداد طبيعي لمدينة تطوان، ويتعلق الأمر بالشريط الساحلي الذي ينطلق من واد لاو في الشرق وصولا إلى مدينة الفنديق في الغرب.

وتتضمن هذه المساحة الشاسعة من ساحل البحر الأبيض المتوسط، العديد من القرى السياحية والمناظر الخلابة، إضافة إلى 4 مدن سياحية متوسطة، ومنتجعات سياحية وموانئ للصيد والترفيه.  

  • واد لاو

هي مدينة ساحلية وسياحية تابعة لإقليم تطوان، وتتميز بشريط شاطئي ممتد على مساحة طويلة، وتُعتبر وجهة مفضلة للسياح خلال فصل الصيف، كما يُمكن زيارة المدينة في مختلف الفصول للاستمتاع بساحلها الهادئ، ومطاعمها التي تُقدم أشهى المأكولات.

كما توجد واد لاو على مقربة من مرتفعات جبلية مناسبة لعشاق التسلق الجبلي، إضافة إلى العديد من الوديان والمجاري المائية مثل "واد القنار" السياحي.  

  • مرتيل

تُعتبر مدينة مرتيل من المدن الأقرب مسافة إلى مدينة تطوان، وتتوفر على شاطئ جميل وكورنيش ممتد على مساحة طويلة يجتذب السياح.

وتُعتبر مرتيل وجهة سياحية صيفية بامتياز، وتتوفر بدورها على عدد من المآثر التاريخية، والمباني التي تعود إلى الحقبة الإسبانية، مثل برج قديم خاص بمراقبة شاطئ المدينة، إضافة إلى كتدرائية إسبانية تُعتبر واحد من الكنائس الكبيرة التي تم تشييدها خلال الحقبة الإسبانية بشمال المغرب.

  • كابو نيغرو

كابو نغرو هو منطقة سياحية شاطئية بالدرجة الأولى، وتوجد في مرتفع جبلي يُطل على البحر المتوسط، وبهذه المنطقة فنادق ومطاعم فاخرة، كما توجد إقامات سياحية تتوفر على كل سبل الرفاهية.

كما يحيط بهذه المنطقة مرتفعات جبلية مخصصة لممارسة الرياضة والتنزه، إضافة إلى شاطئ وميناء ترفيهي يُمكن استعماله في الرياضات المائية.

  • المضيق

المضيق أو "قرية الصيادين" هي مدينة شاطئية جميلة غير بعيدة عن مدينة تطوان، تتوفر أيضا على كورنيش جميل وشاطئ رائع.

كما تتوفر هذه المدينة على ميناء للصيد البحري توجد به مطاعم تُقدم وجبات شهية من فواكه البحر والأسماك بمختلف أنواعها.

ويوجد بمدينة المضيق نادي خاص بالزوارق الشراعية، حيث تُنظم خلال فترات متفرقة من السنة، مسابقات للزوارق بشاطئ المضيق.

  • الفنيدق

الفنيدق هي بدورها مدينة شاطئية لا تختلف كثيرا في حجمها وخصائصها عن مرتيل والمضيق، إلا أنها تتميز بتواجد عدد من الشواطئ الرائعة بالقرب منها.

وتوجد في الشريط الساحلي الذي يقع بين المضيق والفنيدق على أفضل الشواطئ في المغرب، إضافة إلى ميناء ترفيهي في منطقة تدعى "ألمينا" يتوفر على زوارق ترفيهية حيث يُمكن ممارسة الرياضات المائية.

  • أماكن التسوق في تطوان

تتوفر مدينة تطوان على العديد من الأماكن الخاصة بالتسوق، وبالنسبة للسياح فيمكنهم أن يجدوا ما يرغبون فيه، سواء في المراكز التجارية الحديثة، أو الأسواق الشعبية التي توجد بكثرة في تطوان.

فبالنسبة لاقتناء التذكارات، فإن المدينة القديمة لتطوان توجد بها العديد من المحلات التجارية التي تبيع التذكارات الخاصة بالمدينة، إضافة إلى المنتوجات المصنوعة محليا، كالألبسة والأغطية والمجوهرات والحلي وغيرها.

كما تتوفر تطوان على العديد من الأسواق الشعبية التي توجد في المدينة القديمة، وفي أماكن أخرى في المدينة الحديثة، خاصة فيما يتعلق باقتناء المواد الغذائية، في حين توجد بوسط المدينة العديد من المحلات التجارية التي تبيع مختلف أنواع الألبسة.

  • أين يمكن أن نأكل.. الطبخ الشمالي ومميزاته

تطوان من المدن المغربية التي عُرفت تاريخيا ببراعة أهلها في طهو العديد من الأكلات الغذائية وصناعة العديد من الحلويات، ويرجع أصل الطبخ التطواني إلى الأندلس، باعتبار أن الأندلسيين الغرناطيين عند حلولهم بتطوان نقلوا معهم كل عاداتهم في الطبخ، مع إضافات جديدة ظهرت مع الحقبة الإسبانية بالمدينة.

وتُعتبر مأكولات غذائية شهيرة مثل "البايلة" التي تُعد خليطا من الأسماك والخضروات، و"الطورطية" المكونة من قطع البطاطيس المقلية في البيض، من الوجبات التي يُتقن التطوانيون إعدادها بطرق خاصة تجعلها من الوجبات المحبوبة للسياح.

غير أن ما يُميز تطوان أكثر هي صنع الحلويات، حيث برع التطوانيون على مدى 4 قرون في إعداد أنواع كثيرة من الحلويات، مثل كعك "البيشكيتو"، و"كعب الغزال" و"الفقاقيص" و"البريوات المعسلة" التي يجدر بكل سائح تذوقها خلال زيارة المدينة.

وتوجد هذه الوجبات الغذائية والحلويات في أغلب محلات الأطعمة المنتشرة في المدينة، كما تقدمها الفنادق ودور الضيافة التي توجد في المدينة وضواحيها.

كما يوجد مكان خاص يُدعى "الملاّح" على بُعد أمتار من القصر الملكي، توجد به العديد من المطاعم الشعبية التي تقدم وجبات سريعة وحلويات بمختلف الأشكال والأنواع بأسعار جد منخفضة، ويُعتبر هذا المكان هو من أفضل الأمكنة لاقتناء مشروب "زعزع" الذي يُعتبر من أشهر المشروبات التي انطلقت من المدينة، وهو عبارة عن خليط من عصير الأفوكا والفواكه الجافة وغيرها.

هي تطوان إذن، مدينة العراقة والتاريخ، والنفح الأندلسي، حيث يمكن للسائح أن يزور المؤهلات السياحية للمدينة، ويتناول الطعام المميز بأهل المنطقة، ويعود إلى الماضي بالجولان في المدينة القديمة، كما يمكنه الاستمتاع بالشواطئ الساحرة، وبتفاصيل حضارة مازالت مَعالم المدينة شاهدة عليها.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...